الزمان
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرإلهام شرشر

توجيهات السيسي بضريبة موحدة في ميزان الخبراء: نقلة استراتيجية لإصلاح مناخ الاستثمار بمصر

فى خطوة وصفت بـ"التاريخية"، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى باستبدال الرسوم المتعددة التى تفرضها الجهات الحكومية بضريبة إضافية موحدة على صافى أرباح الشركات، وذلك خلال اجتماع مع الحكومة ووزراء الصناعة والمالية. يأتى هذا القرار فى إطار مساعى الدولة لتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتعزيز العدالة الضريبية. فما أبعاد هذه الخطوة؟ وكيف ستُغير خريطة الاستثمار فى مصر؟
لطالما شكلت "عشوائية الرسوم" أحد أبرز التحديات التى تواجه المستثمرين فى مصر، حيث تتعدد الجهات المحصلة للرسوم – مثل الهيئات المحلية والوزارات – مع تفاوت قيمتها وفقًا للقطاع والمنطقة. وفقًا للنائب محمد مصطفى السلاب، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، أدى هذا التعدد إلى غموض فى التكاليف المالية، مما أثر سلبًا على قدرة الشركات على التنافسية والتسعير. بل إن بعض المستثمرين الأجانب وصفوا هذه الرسوم بـ"العقبة الخفية" التى تُعيق تدفق الاستثمارات.
ولفت إلى أنه من هنا، تُعتبر توجيهات الرئيس السيسى استجابة مباشرة لمطالب مجتمع الأعمال، حيث تعهدت الدولة بتحويل فلسفة التعامل مع المستثمر من "تحصيل الرسوم" إلى "تحفيز الاستثمار" عبر نظام ضريبى موحد يربط الالتزام المالى بقدرة الشركة على تحقيق الأرباح موضحا بأن الصناعة تساهم بنحو 16% من الناتج المحلى الإجمالى وتوظف أكثر من 3 ملايين عامل، مما يجعل أى إصلاح ضريبى يجب أن يراعى حماية هذا القطاع من الأعباء الإضافية.
وانتقد السلاب سياسة الازدواج الضريبى السابقة، مثل فرض ضرائب على الأرباح بعد توزيعها، والتى كانت تُثقل كاهل المستثمرين وتدفعهم لتفضيل البنوك على الاستثمار المباشر. وأشار إلى أن التوجيهات الرئاسية يجب أن تُترجم إلى إلغاء الضريبة العقارية على المصانع، كما وعدت الحكومة سابقًا، لخفض تكاليف الإنتاج وتعزيز القدرة التنافسية للمنتج المحلى.
كما دعا إلى تسريع رد الدعم للمصدرين، الذى يتأخر أحيانًا لسنوات، مما يُضعف ثقة المستثمرين ويحد من نمو الصادرات. وأكد أن الإصلاح الضريبى يجب أن يرافقَه تبسيط إجراءات التراخيص الصناعية وتوحيد المعايير الجمركية بين المنافذ لضمان عدالة التنافس. وأشاد السلاب بقرارات سابقة مثل إلغاء غرامات التأخير على المشروعات الصناعية المتعثرة بسبب الأزمات العالمية، معتبرًا أنها نموذج للإجراءات الداعمة للقطاع.
وأكد أسامة الشاهد، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أن الضريبة الموحدة يجب أن تكون جزءًا من استراتيجية شاملة لتعزيز بيئة الأعمال، مع مراعاة التحديات التى تواجهها المصانع، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والقروض. وأشار إلى أن مصر تمتلك مزايا تنافسية كموقع استراتيجى بين الأسواق الأفريقية والأوروبية، لكنها تحتاج إلى سياسات ضريبية تحفز التصنيع المحلى بدلًا من زيادة الاعتماد على الاستيراد.
وانتقد الشاهد التعديلات المتكررة فى التشريعات الضريبية، والتى تُسبب عدم استقرار للمستثمرين، ودعا إلى تبنى نظام ضريبى واضح ومستقر يعتمد على الحوافز، مثل الإعفاءات الضريبية للمشروعات الجديدة أو تلك التى تعمل فى مناطق صناعية ناشئة. كما طالب بدمج القطاع غير الرسمى فى المنظومة الضريبية لتحقيق عدالة أكبر.
وأوضح أن الضريبة الموحدة يجب أن تُصاحبها إصلاحات فى منظومة دعم الصادرات، مثل تسريع إجراءات رد الأعباء التصديرية، وتقليل البيروقراطية فى الفواتير الجمركية، مما سيسهم فى زيادة الإيرادات دون إرهاق الصناعيين.
وقال الدكتور أحمد جبيلى، الخبير العقارى أنه إطار مساعى الدولة المصرية لتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات، جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى باستبدال الرسوم المتعددة بضريبة موحدة على صافى أرباح الشركات كخطوة جريئة تُعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمستثمر. هذه الخطوة لا تُقلل الأعباء البيروقراطية فحسب، بل تُرسى قواعد العدالة الضريبية وتُعزز ثقة القطاع الخاص، خاصة فى مجال العقارات، الذى يُعد ركيزةً للاقتصاد المصرى.
ولفت إلى أن توحيد الضرائب والرسوم فى ضريبة واحدة يُقلل التكاليف التشغيلية للشركات، ويُحسّن التخطيط المالى طويل الأمد، خاصةً فى القطاع العقارى الذى يعتمد على استثمارات ضخمة ومخاطر مالية مرتفعة. فبدلًا من تعدد الجهات المحصلة للرسوم (مثل رسوم التراخيص والدمغة)، سيتم احتساب ضريبة واضحة على صافى الأرباح، مما يُتيح للمستثمرين العقاريين توجيه مواردهم نحو التطوير والابتكار بدلًا من التعامل مع تعقيدات بيروقراطية كما أن تبسيط الإجراءات سيدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى القطاع العقارى، التى كانت تُعانى سابقًا من ارتفاع التكاليف غير المباشرة، مما يُسهم فى زيادة الإنتاجية وتوسيع قاعدة الاستثمار المحلى والأجنبى.
وأكد بأن مصر بيئة جاذبة للاستثمار بفضل موقعها الاستراتيجى والمشروعات القومية العملاقة، لكن التحدى الأكبر كان يتمثل فى التعقيدات الضريبية. وفقًا لتقرير مركز المعلومات ودعم القرار، نجحت مصر فى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 46 مليار دولار عام 2024، بفضل إصلاحات مثل الرخصة الذهبية وحل المنازعات الضريبية. والضريبة الموحدة ستُضيف زخمًا جديدًا لهذه الإنجازات عبر تحسين التصنيف العالمى من خلال تبسيط الإجراءات، تتقدم مصر فى مؤشرات سهولة ممارسة الأعمال، مما يجعلها منافسًا قويًّا فى المنطقة وأيضا جذب الاستثمار الأجنبى خاصة أن المستثمرون الدوليون يبحثون عن الشفافية والاستقرار التشريعى، وهما ما تُحققه الضريبة الموحدة بجانب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص كخطوة نحو تمكين القطاع الخاص كمحرك رئيسى للنمو.
وواصل حديثه يُشكل القطاع العقارى نحو 15% من الناتج المحلى الإجمالى، وفقًا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ومع تطبيق الضريبة الموحدة، من المتوقع خفض تكاليف التأسيس عبر إلغاء الرسوم المتكررة مثل رسوم الفواتير الإلكترونية ورسوم التراخيص وتشجيع الاستثمار فى المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين، عبر توفير حوافز ضريبية واضحة وزيادة الطلب على الوحدات السكنية نتيجة تحسين بيئة الأعمال وجذب شركات دولية تعمل فى مصر مشيرا إلى أن نجاح الضريبة الموحدة يتطلب إطارًا تشريعيًّا متكاملًا، وهو ما يضع البرلمان أمام مسؤولية تاريخية بإصدار قانون شامل يتضمن آليات مرنة لاحتساب الضريبة، مع مراعاة الفروق بين القطاعات، خاصة العقارية ومراقبة التطبيق عبر تشكيل لجان متخصصة لمتابعة تنفيذ اللوائح التنفيذية ومنع التهرب الضريبى وحماية الشركات الصغيرة عبر إدراج إعفاءات أو نسب مخفضة للضريبة لضمان عدم إرهاقها.

slot online
click here click here click here nawy nawy nawy