أصحاب المعاشات.. معاناة مستمرة مع ارتفاع الأسعار وتدني المعاشات

شريحة كبيرة تضطر للخروج إلى العمل لعدم كفاية المعاش.. وآخرون أمراضهم تمنعهم من السعى لكسب الرزق.. وبرامج الدولة لدعمهم "حبر على ورق"
دأبت الحكومة الحالية الحديث عن دعم أصحاب المعاشات من خلال تحريك قيمة المعاش من وقت إلى آخر، إلا أن تلك الزيادة التى تقرها ولعل أخرها الحديث عن تحريك قيمة المعاش 15% فى يوليو المقبل، لن تكون كافية فى ظل وضع شديد الصعوبة يعيشة "أصحاب المعاشات" بعد أن أفنوا زهرة شبابهم داخل دواوين الحكومة وداخل شركات القطاعين الخاص والعام، وأصبح حال غالبيتهم يرثى له، نتيجة تدنى المعاش والذى يقابلة قائمة طويلة تشمل (الإيجار ومصاريف العلاج ومصروفات دراسية للأبناء والخ...)، وهو الأمر الذى دفع بالغالبية العظمى منهم للخروج إلى سوق العمل من جديد، والعمل فى مهن ووظائف لا تتناسب مع أعمارهم ولا سابق خبرتهم.
كيف يعيش أصحاب المعاشات؟
كان السؤال الأبرز، هو كيف يعيش أصحاب المعاشات فى وقت قررت الحكومة أن الحد الإدنى لتحقيق الحد الإدنى من الكفاف 7 آلاف جنيه بينما يتقاضى مديرى عموم بالمعاش 3 آلاف جنيه وربما اقل من ذلك بضعة جنيهات.
الأستاذ محمد.ح "مدير عام بالمعاش" يقول: مضطر للعمل سائق أوبر لتغطية مصاريف المنزل وتعليم الاولاد الجامعى، والعمل ليس عيب ولكن الفارق الكبير بين الراتب والمعاش كان بمثابة صدمة كبيرة تعرضت لها وكان لابد من التفكير سريعًا حتى لا اقع فى "فخ الاستدانة" وبيع الشقة التى اشتريتها خلال سنوات عملى الحكومى حتى تكون مسكن الزوجية لأبنى الذى يدرس فى الفرقة الرابعة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، مشيرًا إلى أن أجمالى ما يحصل عليه من معاش شهرى لا يتجاوز الـ 3600 جنيه، وهو رقم يكاد يكفى جزء من مصاريف المنزل، خاصة وأن زوجتى ربة أسرة ولم تعمل من قبل، وأصبح الوضع شديد الصعوبة خاصة مع أضطرارى لشراء بعض الأدوية من خارج التأمين الصحى لأنها غير متوفرة بالتأمين.
وتابع، الحكومة أقرت مبلغ 7 آلاف جنيه حد أدنى للمعيشة، فكيف تقرر لأصحاب المعاشات تلك الأرقام الهزيلة؟ وأتمنى أن يكون الحد الإدنى للمعاش هو نفس الحد الإدنى للدخل الذى تقرة الحكومة، لأن الحكومة بذلك تخبرك بأنها تتخلى عنك فى ظل ظروف اقتصادية صعبة.
التضخم وتأثيرة على أصحاب المعاشات
يتحدث الخبير فى الشأن الاقتصادى "محمود رشاد" عن أصحاب المعاشات: عدد أصحاب المعاشات فى مصر يبلغ حوالى 11.5 مليون مواطن يصرفون شهرياً نحو 38 مليار جنيه حالياً، ويبلغ الحد الأدنى للمعاشات 1495 جنيهاً، ويتفاوت حسب المدة التأمينية، والدرجة الوظيفية، لافتًا إلى أن هناك شرائح من العاملين فى القطاعين الحكومى والخاص تتقاضى معاشات تتراوح بين 1500 جنيه إلى 3000 جنيه، بينما يصل متوسط المعاشات فى مصر إلى نحو 5000 جنيه، بينما يصل الحد الأقصى للمعاشات فى مصر إلى 11600 جنيه، ويُمنح لمن تشملهم أعلى شرائح الأجر التأمينى، وذلك وفقاً للتعديلات الجديدة التى تطبق على من تنتهى خدمتهم اعتباراً من 1 يناير 2025.
وأضاف، أرتفاع معدل التضخم نتيجة رفع الدعم عن المحروقات يؤثر بشكل سلبى على أصحاب الدخول المنخفضة وفى القلب منهم أصحاب المعاشات وهو ما يضطر ببعضهم للخروج إلى العمل مرة اخرى، لكن تلك المرة بدون غطاء تأمينى سواء صحى أو اجتماعى ولكن يحقق لهم دخل أضافى يساعدهم على مواجهة اعباء الحياة المعيشية، مشددًا على أهمية التوسع فى برامج الحماية الإجتماعية لهم على وجه التحديد مع وجود أدوات وبرامج للتشغيل بعد سن الستين فى وظائف مطلوبة لسوق العمل عن بعد.
أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، عالية المهدى، أكدت عدم تناسب ارتباط زيادة المعاشات بمعدل التضخم، خاصة أن هيئة التأمينات وضعت حداً أقصى للزيادة 15%، فى وقت تجاوز معدل التضخم خلال عامى 2023 و2024 أكثر من 35%، فيما لم تتجاوز زيادة أصحاب المعاشات سوى 15%.
بحسب بيانات الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بمصر، فقد تم تحديد الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأمينى بـ2300 جنيه، والحد الأقصى بـ14500 جنيه، وهو ما يحدد القيمة النهائية للمعاش عند التقاعد.
المهدى قالت فى تصريحات سابقة، إن أصحاب المعاشات فى مصر يعانون حالياً بسبب انخفاض قيمة دخلهم الثابت من 40% إلى 55%، بعد خروجهم على المعاش، بجانب مرورهم بموجات تضخم كبيرة أثرت على أسعار كافة السلع والأدوية ومتطلبات الحياة، بالإضافة إلى تأثيرات انخفاض العملة المحلية.
تقول منى بدير محلل الاقتصاد الكلى فى أحد البنوك الخاصة، إن مستويات التضخم التى ارتفعت على مدار 3 سنوات الماضية قرابة 100% لا تتماشى مع الزيادات فى دخول أصحاب المعاشات.
أضافت بدير، أن الحكومة لا تستطيع زيادة المعاشات بنفس مستويات التضخم وذلك لعدم قدرة الموازنة العامة للدولة على استيعاب هذه الزيادات فى ظل ارتفاع مستويات العجز بالموازنة العامة "أصحاب المعاشات قد يشعرون بتحسن نسبى مع تباطؤ وتيرة الارتفاعات فى التضخم خلال الفترة المقبلة.
يرى محمد فؤاد الخبير الاقتصادى، أن 98% من المواطنين يستحيل عليهم الحفاظ على مستوياتهم الاجتماعية فى ظل الاعتماد على مصادر دخل محلية فقط، كما أن زيادة المعاشات لا تواكب ارتفاع مستويات التضخم إلى 30%.